ملكشى حق يا مدحت


من فترة كبيرة لما كُنت طالب فى ثانوى, بالتحديد فى أولى ثانوى, مش عايز أقول من كام سنة عشان محسش إنى كبرت, المهم فيها إنها كانت سنة من السنين اللى كان النادى الأهلى بيكسب فيهم كل البطولات, وكدافع من الحماس النابع عن إنتماء الممزوج بالتهور المعروف للمراهقين قررنا نحتفل بطريقة جديدة, إشترينا سبراى دهبى, وقررنا نكتب على حائط الفصل الخلفى "النادى الأهلى فوق الجميع" بطول الحيطة كلها.
طبعا حادثة زى دى مينفعش تعدّى من غير ملاحظة أول مدرس يدخل الفصل ويشرح حاجة, وكإجراء تقليدى بلغ المدير والمدير قرر إن حاجة زى دى لازم ينزلّها بنفسه عشان لو إتكررت من غير رد مناسب مش بعيد يلاقى العيال كاتبة بالسبراى على باب مكتبه الشخصى.
المدير جَه, وبدأ يتكلم بنبرة الأب من نوعية (ليه- يابنى- كده- انتوا- ولاد- ناس), اللى دايما بتُلاَقى إستهزاء من شريحة المراهقين, فقرَر يتكلم بنبرة "بلطجى الخمّاره" اللى كانت بتاخد وتدّى مع الشريحة العمرية دى وبيقدروها كويس (اللهمصلىعنبى- ياروحمكمنك ليه- ***- يا ولاد ال****) 
قال كلام كتير جدا, وختم كلامه بجملة فاكرها كإنى سمعتها إمبارح: "الإحتفال الأهبل اللى أنتوا عاملينه ده عشان نادى كسب بطولة وأخد فلوس وأقل لاعيب كسب الشئ الفلانى, أنتوا بقى .. أخدتوا أيه؟"
وكنوع من الإحباط بالنسبالى لإنى هنا كنت بدأت أفكر فى اجابة السؤال بشكل فلسفى بإعتباره سؤال إنشائى ملوش إجابة واضحة لقيت المدير قاطع تفكيرى بجملة : أخدتوا ***** -لفظ قمئ يعبر عن حركة فاحشة-.

لو إفترضنا هنا وجود أله ممكن تدخل فيها الكلام القبيح اللى بطريقة البلطجى العشوائى يطلعلك من الناحية التانية بطريقة كلام الفيلسوف الإرستقراطى نقدر نقول إن المدير ده كان بيتكلم عن فكرة الإنتماء .. هل هو ضرورى؟ وأيه اللى ممكن يوصلّه البنى أدم لو زاد عنده, وهل فعلا لازم ناخد حاجة فى المقابل عشان ننتمى لشئ أو لكيان؟ 
الإنتماء, على حسب رأى "إبراهام ماسلو/ مازلو" اللى عمل نظرية سمّاها "هرم ماسلو للإحتياجات النفسية", يُعتبر "الحاجة النفسية التالتة" اللى البنى أدم لازم يحسّها من ضمن الحاجات الإجتماعية عشان يقدر يعيش حياة متوازنة, إذن أيوه الإنتماء ضرورى ولازم يكون موجود.
هل لو زاد حاجة حلوة؟ أكيد, لكن فى نفس الوقت يكون موّجه فى إتجاهات تعبيرية سليمة (راجع موقف ظابط الجيش اللى مستعد يموت فى أى حرب عشان بلده تبقى أحسن وموقف الشاب الداعشى المتعصب لفكرة وممكن يقتل ويحرق عشانها ناس ملهمش ذنب)
هل فعلاً لازم ناخد حاجة فى المقابل عشان ننتمى, ممكن تحاول تَستخلص إجابة السؤال ده بموقف البلد مؤخرا إتجاه الشباب بما تتضمنه من عمليات قتل منظمة (الألتراس فى بورسعيد والدفاع الجوى), أو عمليات حَكر على الأراء (الأمن اللى واقف بره أسوار الكلية بيعتقل أى طلبه بتحاول تعبر عن رأيها المعارض بشكل صح أو غلط) أو عمليات إقصاء سياسى وإجتماعى وإقتصادى بحتة لفئة الشباب قادة الأراء (محدش شاف وائل غنيم واحمد دومة وعلاء عبد الفتاح يا جدعان)
وما تقابله كل هذه السياسات اللطيفة من رد فعل للشباب يحمل فى موضوعه (يارب هجرة, عايز أسافر, يارب نخرج منها على خير, اللهم أرزقنا التأشيره, يارب اشاور باباى من الطيارة)
إذن, أيوة طبعاً الإنتماء لازم يكون ليه مقابل, مش عشان يكون موجود, فالإنتماء فى الأصل بيتولد مع إدراك الشخص للى حواليه بشكل تلقائى (أمتى قررت تشجع الزمالك؟), ولكن المقابل شرط أساسى لضمان بقاء وزيادة الإنتماء ده (كام واحد زملكاوى كره العيشة واللى عايشينها أصلا؟), وطبعا مش شرط يكون المقابل مادى, كفاية يكون فيه فرص .. عدالة .. معاملة بالمثل وليس أكثر.

مع الإعتذار للفنان مدحت صالح لما قال "لا هتاخد أيه ولا كم وليه" .. لأ .. حضرتك كنت غلطان,  لازم يبقى فيه مقابل, مينفعش إنتمائك يكون من جانب واحد للأبد .. و حتى تحترق النجوم كلها .. وحتى ... 

تعليقات

المشاركات الشائعة